كلمة المحرر

 

 

النظام السوري الدموي لايزال يمارس استراتيجية الرمق الأخير

 

 

 

 

 

 

        رغم الدعاوي الفارغة التي يطلقها طاغية سوريا المنكوبة بشار الأسد لذرّ الرماد في عيون العالم من أن عاقبة حكومته لن تكون وخيمة مثل عاقبة القدافي في ليبيا، وأن «الثوار الإرهابيين» لن ينتصروا، وأن الهزيمة هي نصيبهم لامحالة، كما وَرَدَ في هراءاته الأخيرة التي أدلى بها من خلال حواره مع «الأهرام العربي» الأسبوعيّة القاهريّة قابعاً في ديوانه الكائن بقلب «دمشق».. رغم هذه الدعاوي التي يتأكد العالم كله في ضوء الحقائق التي يلمسها بيديه ويشاهدها بعينيه أنها جوفاء لارصيد لها من المصداقية يعلم المجتمع الدولي أن النظام السوري الدموي إنما ييستخدم الآن استراتيجيّة الرمق الأخير، لأنه يعايش انشقاقات موجعة مستمرة وعمليّات فاعلة يقوم بها الجيش الحرّ الذي يتمتع بمعنويات متشجعة بأعلى ما يكون من المستوى مقابل المعنويّة المتدهورة للجيش النظامي.

     من ثم بدأ النظامُ الرحيلَ المتسارعَ إلى اتجاه الدولة العلويّة، قاطعاً كلَّ طرق الرجعة مع البيئة المحلّية، ويقوم بعلميّات قتل عشوائية ودكّ المدن على رؤوس سكّانها والإعدامات الميدانية والقصف العشوائيّ، كما حدث في «داريا» و «حي القابون»  مؤخرًا؛ حيث قتل في «داريا»وحدها 300 مواطن بريء وكما حدث يوم الخميس: 20/سبتمبر 2012م (2/ذوالقعدة 1433هـ) في بعض الأمكنة في حلب؛ حيث قتل على الأقل 225 سوريًّا، ويوم الجمعة: 21/سبتمبر قذفت مقاتلات نظاميّة حربية 30 شخصاً من خلال قصفها محطة وقود إلى جانب 70 من الجرحى الذين نقلوا إلى المستشفى.

     والشواهد كلُّها تؤكد أن النظام السوري يمارس حرباً طائفية مدمرة، ويدفع الوطن السوري إلى حرب أهلية مكشوفة. وقد لجأ أخيرًا بشكل متزايد إلى دك الأحياء والقرى التي يسيطر عليها الثوار بالطيران المدني والمدفعيّة الثقيلة. وذلك حمايةً لعناصره في جانب، وفي جانب آخر إرغاماً للمدنيين العزّل على التصدّي للثوار وعلى إخراجهم من مناطقهم احتفاظاً بأرواحهم وممتلكاتهم.

     وقد اعتمد ولازال النظام الدموي على سياسة الكرّ والفرّ، وشغل العالم بالمجازر، وبالبيانات الجوفاء والتصريحات الفارغة لتبرئة ساحته في جانب، وللتأكيد للعالم بأنه يحمل رصيدًا من المصداقية والثقة بالذات والمعنوية العالية، وأن المعارضة ليس لديها سوى الهزيمة والعاقبة السيئة؛ فقد قال الأسد في حواره مع الجريدة المذكورة الذي أدلى به بعد فترة طويلة جدًّا: «إن التغيير ليس بوارد من التدخل الأجنبي و تنحية العاهل، ولن يتم تكرار تجربة ليبيا في سوريا، وإنّ سقوط الدول العربية عن طريق الثورات لم يُؤَدِّ دورًا في تكريس الحرية والديموقراطية ومحو الظلم الاجتماعي، وإنما كرس الاضطراب والبلبلة» وقد انتقد الأسد بشدة كلاًّ من المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة تركيا على دعمها للثوّار، وعلّق على هذه الدول قائلاً: «إنها نالت الثروة منذ فترة قصيرة بعد الفقر المدقع، فهي تحسب عن خطأ أنها ستشتري عن طريق ثرائها الجغرافيا والتاريخ والنفوذ المحليّ». وهكذا لعن الأسد كثيرًا من الدول التي يعتقد أنها لا تقف بجانبه وإنما تقف بجانب من يعارضونه من السوريين، قائلاً: إنه يخوض الحرب على المستوى المحليّ والمستوى العالمي. علماً بأن الأسد لايزال يتمسك بطغيانه وظلمه لشعبه لأنه يرى عددًا من الدول تقف بشكل مكشوف بجانبه وعلى رأسها إيران الشيعية الطائفية والصين الشعبية الشيوعية وروسيا التي تلعق ما تركته لها الشيوعيّة الماركسية التي وَلَّى دورها ونفدت بطاريتها.                            [التحرير]

 

 

(تحريرًا في الساعة الواحدة من ظهر يوم السب : 4/ذوالقعدة 1433هـ الموافق 22/سبتمبر 2012م)

 

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، ذوالحجة 1433 هـ = أكتوبر - نوفمبر 2012م ، العدد : 12 ، السنة : 36